عناصر المقال
كثيرًا ما فكّرت على الصعيد الشخصي في إمكانية وجود اتصال إنترنت فضائي سريع منخفض التكلفة، يُمكنه الوصول إلى جميع المواقع الجغرافية على وجه الأرض، ويمكن الاشتراك فيه بسهولة، ويبدو أن هذا الأمر سيصبح حقيقة مع خطة ستارلينك التي كشف عنها رائد الأعمال العبقري – من وجهة نظري – إيلون موسك التي تعمل بشكل مشابه.
بالنسبة إلي شخصيًا، كانت حاجتي إلى اتصال إنترنت فضائي سريع بتكلفة منخفضة يرجع إلى فترة كنت أتواجد فيها في أماكن نائية لوقت طويل، وبالتالي كانت حاجتي إلى اتصال بالإنترنت لا يمكن تلبيتها سوى عن طريق اتصال فضائي، وبينما كنت أتصفح الأسعار والسرعات لبعض الشركات التي تقدّم الخدمة في مصر، تفاجئت من الأسعار المرتفعة مقابل سرعات منخفضة للغاية.
إيلون موسك من جانبه يرغب في تغيير هذا الأمر عبر خطة ستارلينك التي ستدور في المدار المنخفض حول كوكب الأرض لتوصيل الإنترنت إلى جميع المناطق على الكوكب، أو هكذا يزعم في إعلان سبيس اكس عن الخطة.
خطة ستارلينك
معروف لكثير من الناس أنّ إيلون موسك هو مؤسس ورئيس شركة استكشاف الفضاء “سبيس اكس” والتي يهدف من خلالها أن يُحقق حلم طفولته بإرسال بشر إلى كوكب المريخ.
لكن كي تُرسل بشر إلى المريخ سوف تحتاج إلى بناء آلات عملاقة تُكلّف الكثير من المال، لذا يجب التفكير أولًا في كيفية الحصول على هذا المال، وهذا بالضبط ما قام به إيلون موسك عبر تأسيس سبيس إكس.
حيث قامت الشركة أولًا بتطوير نظام إطلاق صاروخي يُمكنه نقل المعدات والأقمار الصناعية إلى الفضاء، قبل أن يعود مُجددًا إلى قواعده على الأرض، مما يسمح باستخدامه أكثر من مرة، وبالتالي تقليل تكلفة إرسال الرحلات إلى الفضاء.
هذا الأمر جعل صواريخ سبيس اكس مُغرية للعملاء من الدول والشركات الراغبين في إطلاق أقمارهم الصناعية إلى الفضاء، ولكن يبدو أنّ هذا ليس كافيًا بالنسبة للشركة.
لذا كشفت مؤخرًا عن خطة ستارلينك أو كوكبة ستارلينك وحصلت على موافقة لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية FCC مؤخرًا لإرسال 7518 قمر صناعي إلى الفضاء كجزء من الخطة الطموحة، علاوة على 4400 قمر صناعي تمت الموافقة عليها بالفعل.
جدير بالذكر أنّ المكونات الرئيسية لهذا المشروع تم تنفيذها من قبل ولكن ليس بالقدر الذي تحتاجه شركة سبيس اكس لنجاح خطة ستارلينك.
البروفيسور مارك هاندلي من قسم علوم الكمبيوتر في جامعة كوليدج لندن هو خبير في طبولوجيا الشبكات، وقد تم تعيينه مؤخرًا لإنشاء محاكاة لكيفية عمل كوكبة ستارلينك.
وقال لموقع News.com.au “الشيطان يوجد في التفاصيل، ويبدو أن سبيس اكس تدفع حدود ما تم فعله من قبل على عدة جبهات في وقت واحد”.
نظر البروفيسور مارك هاندلي في تقارير لجنة الاتصالات الفيدرالية الخاصة بالشركة للحصول على فكرة تقريبية حول ما تأمل سبيس اكس فعله، ووجد أنّ الشركة ستعتمد على الأرجح على أجهزة الليزر بدلًا من موجات الراديو لإطلاق الرسائل بين الأقمار الصناعية، وذلك لأنّها لم تطلب أي طيف راديو للاتصال بين الأقمار.
يُظهر الفيديو في الأسفل الشكل الذي قد تبدو عليه كوكبة ستارلينك بعد إطلاقها بالكامل.
أكبر أسلحة إيلون موسك
تمتلك سبيس اكس بعضًا من تكنولوجيا الصواريخ الأكثر تطورًا في العالم، وتعتبر صواريخها الرائدة القابلة لإعادة الاستخدام حاسمة لتنفيذ خطة ستارلينك.
حيث يسمح نظام الصواريخ للمُعززات – التي عادةً ما كان يتم التخلص منها بعد رحلة واحدة – بالهبوط بأمان على الأرض وإعادة استخدامها في عمليات إطلاق أخرى.
وقال البروفيسور هاندلي أنّ كوكبة ستارلينك لم تكن لتكون ممكنة التنفيذ إن لم تكن سبيس اكس توصلت إلى هذا السبق التكنولوجي في إعادة استخدام صواريخ الإطلاق، حيث أنّ الأقمار الصناعية المُكوّنة لهذه الكوكبة ستحتاج إلى سنوات كي يتم إطلاقها جميعًا، وبالتالي ستكون تكلفتها باهظة للغاية إن كانت الشركة تتخلص من المُعززات بعد كل رحلة.
إيرادات هائلة
بصرف النظر عن توفير الإنترنت إلى كل ركن من أركان المعمورة تقريبًا، توفر شبكة مثل هذه فائدة كبيرة أخرى، فلديها القدرة على تقليل زمن الانتقال بشكل كبير للاتصالات البعيدة المدى.
وذلك لأن أشعة الليزر في الفضاء الحر تتواصل بسرعة الضوء في الفراغ، وهي أسرع من سرعة الضوء عبر الزجاج مثل تلك المستخدمة في كابلات الألياف الضوئية على الأرض.
ووفقًا للبروفيسور هاندلي، هنا تكمن العبقرية.
وهو يعتقد أن شيئًا ما مثل Starlink قد يكون جذابًا بشكل كبير للمتداولين ذوي الترددات العالية في البنوك الكبيرة التي قد تكون على استعداد للتقدم للحصول على ميزة السرعة عندما يتعلق الأمر بالتداول القائم على الخوارزمية في سوق الأوراق المالية وبورصات العملات.
قد يبدو الأمر مُعقدًا بالنسبة لك، ولكن ببساطة فإنّ القدرة على زيادة سرعة الاتصال بجزء من الثانية يمكن أن يُترجم إلى عوائد كبيرة لهذه الشركات، التي تبحث عن ميزة لتكون قادرة على الاستجابة للسوق أسرع من غيرها.
وهذا جانب واحد فقط من الفوائد المحتملة للكوكبة على شركة سبيس اكس، ومن جانب آخر ستكون قادرة على التنافس مع جميع مزودي الإنترنت في العالم إن استطاعت خفض الاشتراكات في شبكتها، ومع وجود أكثر من 7 مليار إنسان على كوكب الأرض، هناك إمكانية تحقيق عوائد هائلة.